مشاهد من السعودية:
أنا قبل أن أتزوج كنت أردد عليَّ الطلاق أن أفعل كذا وأفعل كذا، ولا تحدث بعض المرات (أي لا أفعلها) وطبعا لا آثم عليها لأني لم أكن متزوج، والآن تزوجت والكلمة هذه بقيت معي فقلت في أحد المرات لأحد الشباب عليَّ الطلاق ما تنـزل من هذا الدَرَج فنـزل الشخص ولم أكن أنوي نية الطلاق من زوجتي، ولكن كانت هذه الكلمة عالقة في لساني ونسأل الله أن يعفو عنا وجزاكم الله خيرا.
المقدم:
سؤال الأخ خالد يعني أيضا قضية الحلف بالطلاق بشكل عام.
القرضاوي:
في الواقع هذه آفة ابتُلي بها كثير من المسلمين والأصل أن المسلم لا يجري كلمة الطلاق على لسانه، فهي كلمة خطيرة فالمسلم إذا أراد أن يحلف ولابد فليحلف بالله، النبي عليه الصلاة والسلام يقول "من كان حالفا فليحلف بالله أو ليذر" الحلف عند المسلم بالله وهذا أيضا ليس مطلوب في كل شيء يحلف عند اللزوم (ولا تجعلوا الله عرضة لإيمانكم) (ولا تطع كل حلاف مهين) كثير الحلف، كثرة الحلف أيضا عرضة لأن يقع الإنسان في الحنث فلا يحلف إلا عند الحاجة وإذا كان لابد يحلف بالله عز وجل، أما الخلف بالطلاق فهو لا ينبغي للمسلم ولكن إذا وقع مثل ما قال هذا الأخ متعود وحتى من قبل أن يتزوج أن يقول (عليَّ الطلاق) فهذا أمر غريب ولا ينبغي أن يفعل المسلم هذا لا متزوجا ولا غير متزوج، أما إذا وقع هذا الأمر طبعا هناك خلاف بين العلماء وهناك من يقول: إذا حلف الرجل بالطلاق وقال له لا تنـزل على الدرج ونزل فقد وقع الطلاق. ولكن في الحقيقة المذهب الذي أفتي به ويفتي به كثيرا من العلماء في عصرنا هو مذهب بعض السلف، أن الطلاق إذا أريد به اليمين ومعنى أريد به اليمين أي أريد به الحمل على شيء أو المنع من شيء أي يقصد اليمين ولا يقصد أن يطلق امرأته لعله مع زوجته سمن على عسل وليس بينهما أي شيء إنما أراد أن يمنع الرجل من نزول الدرج فجرت هذه الكلمة على لسانه طبعا يجب أن يؤدَّب، فأنا أفتي بهذا المذهب إن الطلاق إذا أريد به الحلف، أريد به اليمين، أريد به الحمل على شيء أو المنع من شيء فأنا آخذ بمذهب السلف الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم واختارته كثير من لجان الفتوى وقوانين الأحوال الشخصية في عدد من البلاد الإسلامية في عصرنا ونقول أن هذا لا يقع طلاق وإنما يقع عينيا ففيه كفارة يمين يعني الأخ عليه أن يكفر عن يمينه، ويعتبر كأنما حلف بالله أو كأنه حرم الحلال وتحريم الحلال فيه كفارة يمين، فعليه أن يكفر عن يمينه يطعم عشرة مساكين أو إذا عجز عن الإطعام أو لم يجد فصيام ثلاثة أيام.